دول الخليج تعود لمواجهة النفوذ الإيراني في لبنان: الحسابات ومسارات المستقبل
يُمثل النفوذ الخليجي في لبنان إلى جانب هدفه الرئيسي في مزاحمة نفوذ إيران، رافعًة اقتصادية للبنان ودافعًا لبقاء الدولة واستمراريتها. تشهدُ الفترات التي تُمارس فيها دول الخليج حالة انسحابية من لبنان تعاظمًا لنفوذ حزب الله وحلفائه، وبالتالي، النفوذ الإيراني في البلاد.
اليوم، وبعد سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد والخسائر الفادحة التي تعرض لها حزب الله اللبناني على خلفية الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، يعود التأثير الخليجي على لبنان لربيعه من جديد، ويصبح الاشتباك المباشر مع إيران وحزب الله متوقعًا، أكثر من أي وقت مضى.
تبدو العلاقة بين دول الخليج ولبنان محكومةً بخارطة الصراعات الإقليمية بين دول الخليج العربية وإيران، وتمثل علاقة دول الخليج بحزب الله وكون الحزب، أدواره الخارجية وبالخصوص دعم الحوثيين، كذلك معسكراته الداخلية التي تحتضن جماعات شيعية تعتبرها دول الخليج تهديدًا مباشرًا لاستقرارها، محور هذه العلاقة وضابط ايقاعها.
لعبت دول الخليج، وخاصة السعودية، أدوارًا بارزةً في الانتقال من الحرب الأهلية إلى فضاء التفاهمات والمصالحات السياسية بين الفرقاء اللبنانيين. رغم ذلك، يؤدي دعم دول الخليج لأطراف سياسية محددة إلى تعميق الانقسامات الداخلية في لبنان وازدياد حدة التوتر بين مختلف المكونات والأحزاب والقوى السياسية. وعليه، تتراجع مساحة التوافق الوطني وتبرز صعوبة الوصول إلى حلول توافقية لأزمات البلاد السياسية والاقتصادية.
يؤدي الضغط الخليجي على لبنان إلى تهميش أصوات المعارضة المدنية ما خلا أن تكون جزءًا من التحشيد السياسي الذي يتوافق وسياسات دول الخليج. ويمكن اعتبار كل من السعودية وقطر أهم دول الخليج العربية فاعلية في لبنان. تختلف أجندات وأنماط التدخل بين السعودية وقطر لكنهما يعتبران شريكين في مواجهة تنامي النفوذ الإيراني في البلاد.
توجد فرصة لدول الخليج في أن تكون فاعلة في صناعة توافق لبناني داخلي من خلال مسار التقارب الخليجي مع كل من إيران وسوريا الجديدة إلا أن ذلك قد يكرّس أو يدعم الشكل الحالي للنظام السياسي القائم، وهو ما لا يتسق والفرصة السانحة أمام دول الخليج للانقضاض على النفوذ الإيراني وتحجيمه.