عادل مرزوق – كبير الباحثين ورئيس تحرير مركز أمن الخليج
اختُتمت في روما الجولة الثانية من المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، في مسار تفاوضي بدأ في مسقط برعاية عُمانية تؤكد على دور السلطنة كوسيط موثوق في لحظة إقليمية شديدة التعقيد. يأتي الحوار وسط تصعيد أمريكي إيراني متبادل: تمارس واشنطن ضغطًا تكتيكيًا لتحقيق مكاسب سياسية سريعة، بينما تناور طهران ضمن حدود “المرونة المشروطة” لكسر الحصار دون التنازل عن ركائز مشروعها النووي.
شهدت الجولتان تبادل رسائل غير مباشرة ولقاءً بروتوكوليًا محدودًا في ظل حضور لافت لمبعوثين موثوقين من الجانبين: عباس عراقجي عن إيران وستيف ويتكوف عن واشنطن، ما يعكس جدية مشروطة في اختبار المسار الدبلوماسي.
الولايات المتحدة، بقيادة ترامب العائد، تسعى لاتفاق مرحلي يجمّد التخصيب ويقلّص “زمن الاختراق النووي” مقابل تخفيف جزئي للعقوبات. في المقابل، تعرض إيران استثمارات مغرية تتجاوز تريليون دولار في محاولة لتحويل المواجهة إلى معادلة ربح اقتصادي تخاطب عقلية ترامب التفاوضية.
الاتفاق المحتمل يتراوح بين تسوية جزئية مؤقتة تحفظ ماء وجه الطرفين، انهيار المفاوضات قد يقود إلى مواجهة عسكرية محدودة، خاصة في ظل تحضيرات إسرائيلية لخطة بديلة.
إقليمياً، باركت عواصم الخليج المبادرة، ما يشير إلى تحول في الموقف الإقليمي تجاه الحوار، وإدراك متنامٍ بأن استقرار المنطقة يمر عبر طهران لا حولها. ومع ذلك، فإن فشل المحادثات قد يدفع نحو سباق تسلح أو انفجار عسكري واسع النطاق.
يبقى السيناريو المرجح هو اتفاق مرحلي هش يشتري الوقت لكنه لا يبدد المخاوف، في انتظار اختبار حقيقي لقدرة الأطراف على البناء عليه.
الشرق الأوسط يقف اليوم على حافة انفراج دبلوماسي محتمل – أو انفجار وشيك.