منذ سقوط نظام العقيد معمد القذافي، تحولت ليبيا إلى ساحة تنافس بين دول الخليج العربية، أهمها قطر والإمارات. في أوقات عدة، يمكن القول إن الأراضي الليبية كانت تشهد حربًا خليجية حقيقية بالوكالة.
يتعلق تنافس دول الخليج في ليبيا، البلد الجالس على بحيرات النفط والغاز، بشكل رئيسي بالصراع على النفوذ السياسي والاقتصادي، كذلك تباين المواقف تجاه الأطراف الليبية المتصارعة منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011. ويعكس هذا التنافس انقسامات أوسع في سياسات دول الخليج الإقليمية، خصوصًا قطر رفقة حليفتها تركيا من جهة، والإمارات والسعودية من جهة أخرى.
شهدت ليبيا توريد أسلحة ودعمًا عسكريًا من بعض دول الخليج للأطراف المتصارعة، ما ساهم في تصعيد الصراع، قبل أن تتراجع هذه التدخلات تدريجيًا مع الجهود الدولية لفرض وقف إطلاق النار.
في عام 2011، تحالفت الدول الخليجية الثلاث، في تناغم نادر، لإسقاط نظام القذافي. نسقت الدوحة وأبوظبي والرياض المواقف والجهود لتحقيق هذا الهدف تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية. صوتت الدول الثلاث لصالح الحظر الجوي على ليبيا وقادت مجموعات الضغط في الأمم المتحدة إلى جانب الولايات المتحدة وفرنسا. على الأرض، شاركت كل من قطر والإمارات في شن الضربات العسكرية على مواقع أنصار النظام ضمن عمليات حلف الشمال الأطلسي (الناتو).
الموقف الخليجي الموحد من “ثورة فبراير” كان متسقًا من العداء المتبادل بين السعودية والإمارات للرئيس القذافي، لا سيما السعودية التي سعى العقيد في عدة مناسبات إلى التحريض على نظام الحكم فيها، وهي اتهامات سعودية أكدها وزير الخارجية الليبي المنشق عبد الرحمن شلغم الذي كشف عن تمويل القذافي لمحاولة اغتيال الملك عبدالله بن عبد العزيز إبان ولايته للعهد. وهو الموقف الذي تلاقى مع الدور القطري الصاعد، بوصفه الداعم الأول والأهم لما عرف حينها بـ “ثورات الربيع العربي”.
التدخل الخليجي في ليبيا لم يكن نابعًا فقط من تصفية الحسابات المؤجلة مع نظام القذافي الذي اغتيل في ظروف غامضة عام 2011، بل له أسباب أخرى، منها ما هو أيديولوجي، ومنها ما هو جيوسياسي واقتصادي. بعد سقوط القذافي، انقسم التحالف القطري الإماراتي/السعودي بسبب المواقف المتباينة من التنظيمات الإسلامية المدعومة من تركيا، وبسبب الصراع على النفوذ السياسي في البلاد.