تنظيم شيعي إسلامي محظور ينشط في السعودية من أتباع “خط الإمام”، وهو تعبير يشير إلى الشيعة المتدينين الملتزمين بالولاء والمرجعية السياسية لمؤسس الثورة الإسلامية في إيران آية الله روح الله الخميني.
تأسس التنظيم في مايو 1987 بالتزامن مع تأسيس الطلبة السعوديين في إيران لـ “تجمع علماء الحجاز” كمؤسسة جامعة تضم طلبة العلوم الدينية في مدينة قم العاصمة الدينية لإيران، وكان الخميني من أختار تسمية “الحجاز” على هذا التجمع في دلالة على عدم الاعتراف بالسعودية.
ويعتبر حزب الله الحجاز التنظيم أحد أهم الشواهد الحية على مشروع إيران لتصدير الثورة. وهو أيضًا، النسخة الإيرانية الملتزمة بخط الإمام الخميني والتنظيم البديل لتعويض طرد “منظمة الثورة الإسلامية في شبه الجزيرة العربية” التابعة للتيار الرسالي (مرجعية السيد محمد الشيرازي) من حاضنة الثورة الإيرانية.
بعد الأحداث التي شهدها موسم الحج في 31 يوليو 1987 التي نتج عنها مقتل نحو 400 شخصًا إثر اشتباكات عنيفة بين حجاج إيرانيين وقوات الأمن السعودية، تعهد التنظيم في أول بيان رسمي له بـ “قتال الأسرة الحاكمة في السعودية”.
يعتبر حزب الله الحجاز التنظيم الأكثر شراسة وسرية للمكون الشيعي في السعودية، وهو التنظيم الثاني في الظهور خليجيًا بعد “حزب الله الكويت”، واشتهر التنظيم باستهداف منشآت نفطية وعسكرية.
القيادات الدينية والسياسية
يعتبر كل من قائد الثورة الإيرانية روح الله الخميني (توفي في 3 يونيو 1989) والمرشد الأعلى للثورة حاليًا علي الخامنئي المرجعية الدينية والسياسية العليا للتنظيم، كما يحظى المرجع الديني العراقي محمد باقر الصدر (توفي في 9 أبريل 1980) برمزية خاصة لدى الرعيل الأول من التنظيم الذين هم في الغالب كانوا منتمين أو متعاطفين مع تيار حزب الدعوة العراقي.
لا يوجد ما يدل على وجود ارتباط أو تبعية تنظيمية هرمية بين دعاة ورجال الدين السعوديين المنتمين لـ “خط الإمام” من مقلدي الخميني أو غيره من المراجع المؤيدة لولاية الفقيه، وفي مقدمتهم السيد هاشم الشخص والشيخ جعفر المبارك والشيخ حسين الراضي والشيخ عبدالكريم الحبيل والشيخ عبد الجليل بن مرهون الماء من جهة، وبين التنظيم العسكري “حزب الله الحجاز” الذي تدار عملياته من طهران على يد من الخلايا النشطة في شرق السعودية من جهة أخرى.
هناك شخصيات ذات رمزية خاصة لدى خط الإمام، وفي مقدمتهم الدكتور الشيخ عبدالهادي الفضلي الذي يمثل مرجعية فكرية عابرة بدأت مع حزب الدعوة في العراق ثم التحقت بتيار ولاية الفقيه إلا أنه انشغل بمجالات التأليف والتعليم الجامعي والحوزوي، وكذلك الشيخ جعفر المبارك (مدينة صفوى) الذي مثل مرجعية سياسية في كل من القطيف وسيهات في فترة التسعينات واعتقل على إثر ذلك عدة مرات قبل أن يقرر اعتزال العمل الديني والسياسي بشكل مفاجئ.
أبرز القيادات والعناصر

عبد الكريم حسين محمد الناصر: رجل دين من منطقة الإحساء، تصنفه الولايات المتحدة بأنه المسؤول السياسي والعسكري لحزب الله الحجاز وتعرض الحكومة الأمريكية مكافأة قدرها خمسة ملايين دولار مقابل الإدلاء بمعلومات تؤدي إلى اعتقاله. لا يوجد أي معلومات تدل على مكان تواجده أو ما إذا كان لا يزال نشطًا. وجهت الحكومة الأمريكية اتهاماً له بالمسؤولية عن تفجير أبراج مدينة الخبر.
أحمد إبراهيم المغسل: يكنى بـ “أبو عمران” وهو من مدينة القطيف. كان مسؤولاً عن الجناح العسكري للتنظيم. نشط في التيار الرسالي ثم غادر التنظيم ليشارك في تأسيس تنظيم حزب الله الحجاز برعاية إيرانية.
يُتهم المغسل بالمسؤولية المباشرة عن التخطيط للهجوم على أبراج الخبر وتدريب أعضاء الخلية المنفذة. تمكنت السلطات السعودية من القبض على المغسل في أغسطس 2015 بعد عملية نوعية في مطار بيروت بمشاركة فرع المعلومات التابع لوزارة الداخلية اللبنانية.
خالد العلق: سعودي من منطقة القطيف وهو أحد أعضاء خلية الأربعة المتهمين بتفجير مصنع صدف للبتروكيماويات في الجبيل في مارس 1988، تم إعدامه ورفاقه في شهر سبتمبر من العام ذاته.
علي عبد الله الخاتم: سعودي من قرية الربيعية التابعة لمنطقة القطيف وعمل في شركة أرامكو، نشط منذ العام 1980، واعتقل في يوليو 1980بتهمة حيازة قطعة سلاح وأفرج عنه بعد أربعة أشهر، في أغسطس 1981 غادر السعودية واستقر في لبنان حيث قاتل إلى جانب حزب الله اللبناني. عاد إلى السعودية واعتقل أثناء تأديته لمهمة استطلاع لأحد المقرات العسكرية وأفرج عنه في شهر فبراير 1987. شارك مع كل من أزهر الحجاج وخالد العلق في عدة عمليات ضمن خلية كان يرأسها القيادي في حزب الله الحجاز جعفر الشويخات قبل أن يتم القبض عليه بعد صدام مسلح مع القوات الأمنية السعودية، نفذ فيه حكم الاعدام في 30 سبتمبر 1988.
جعفر الشويخات: سعودي، ولد في مدينة سيهات عام 1966 وغادر إلى مدينة قم للدراسة الحوزوية. بعد عودته، وتحديدًا في 19 أبريل 1988، اعتقلت السلطات السعودية جعفر على خلفية عمليتين من عمليات حزب الله الحجاز. بعد 6 سنوات (1994م) أفرجت السلطات عن جعفر الشويخات الذي استفاد من مصالحة 22 سبتمبر 1993 بين الحكومة والمعارضة الشيعية التي كان يقودها الشيخ حسن الصفار من دمشق، وهي مصالحة استفاد منها المحكومون من أتباع خط الإمام إلا أنهم لم يباركوها على خلفية صراع متجذر بين خط الإمام والتيار الرسالي “الشيرازي”.
غادر جعفر الشويخات السعودية بالتزامن مع عملية تفجير أبراج الخبر. في 19 أغسطس 1996م اعتقلت السلطات السورية الشويخات بعد الحاح من السلطات السعودية في طلبه. بعد 3 أيام؛ قال السوريون أن جعفر انتحر بابتلاع صابونة غسيل في دورة المياه. بعد مراسم تشييع مهيبة وبحضور وفد من حزب الله اللبناني، دُفن جعفر الشويخات في مقبرة شيعية في منطقة السيدة زينب.
هاني الصايغ: سعودي من مدينة سيهات، عاد إلى السعودية بعد المصالحة التي عقدتها السعودية مع التيار الشيرازي. أتهم بأنه كان سائق المركبة التي كانت تستكشف المكان وتوقفت في الزاوية البعيدة للمبنى 131 في تفجير أبراج الخبر.
في أغسطس 1996، غادر هاني الصايغ من سوريا إلى كندا حيث اعتقل من جانب السلطات الكندية في مارس 1997 تبع ذلك تسليمه إلى الحكومة الأمريكية بعد ثلاثة أشهر.
في أكتوبر 1999، قالت وزارة العدل الامريكية إن “الولايات المتحدة تفتقر إلى الأدلة الكافية لتوجيه الاتهام إلى الصايغ في محكمة أمريكية” وتم ترحيله إلى السعودية، حيث هو مسجون حاليًا.
هناك متهمون أخرون بالانتماء للتنظيم لكن لا يوجد ما يكفي من المعلومات عن القضايا المرتبطين بها.
العمليات العسكرية
تفجير الجعيمة: كان هذا الانفجار في 16 أغسطس 1987 في إحدى منشآت شركة أرامكو البترولية في منطقة رأس الجعيمة (٣٢ كم شمال القطيف) أول عملية للتنظيم لكن السلطات السعودية رفضت اعتبار الحادث عملاً ارهابيًا.
تفجيرات صدف: في مارس 1988، نفّذ حزب الله الحجاز تفجيرًا في إحدى منشآت شركة صدف البتروكيماوية في مدينة الجبيل وتفجيرًا آخر في مصفاة رأس تنورة (شمال القطيف) من خلال أربعة من نشطاء في التنظيم من جزيرة تاروت، هم على عبدالله الخاتم وأزهر الحجاج وخالد العلق ومحمد القاروص.
بعد التفجير اكتشفت العديد من العبوات المتفجرة في منطقتي مصفاة رأس تنورة ورأس الجعيمة.
اغتيالات الدبلوماسيين: في عام 1988 اغتيل السكرتير الثاني بالسفارة السعودية في العاصمة التركية أنقره عبدالغني عبدالحميد بديوي بعد إطلاق النار عليه. وفي العام ذاته، أطلق مجهول النار على ثلاثة دبلوماسيين سعوديين في العاصمة النيجيرية لاغوس وأصيب الثلاثة بجروح. وفي العام 1989 أطلق مسلحون النار على حسن العمري نائب القنصل السعودي في كراتشي (باكستان) أثناء عودته إلى منزله فأصيب برصاصتين.
تبنت بعض العمليات منظمتي جند الحق والجهاد الإسلامي في الحجاز. وترجح المصادر أن هاتين المنظمتين مجرد تضليل للسلطات السعودية عن مسؤولية إيران وتنظيم حزب الله الحجاز عن العمليات.
تفجير أبراج الخبر: تعد هذه العملية الأهم للتنظيم، ففي 25 يونيو 1996 قامت خلية منظمة بهجوم عبر شاحنة مفخخة على مقر سكني تابع لسلاح الجو الأمريكي المتمركز في المنطقة الشرقية.
نتج عن التفجير مقتل 19 ضابطًا وجنديًا أمريكياً وسعوديًا واحدًا بالإضافة لجرح ما يزيد عن 400 شخص من جنسيات مختلفة

أحداث 2011
شهدت السعودية بدءً من العام 2011 احتجاجات تزامنت مع الأحداث الأمنية في البحرين. السعودية وجهت اتهامات لإيران بالتدخل وكذلك فعلت البحرين. وثائقي لقناة BBC البريطانية وثق وجود أسلحة رشاشة بيد بعض المحتجين الشيعة كما وأدان الشيخ عبدالكريم الحبيل ورجال دين شيعة آخرون استخدام السلاح، وتشير مصادر إلى أن بعض الأفراد المشاركين تلقوا تدريبات في إيران أو العراق، وهو ما يشير إلى أن حزب الله الحجاز كان له تأثير ومشاركة في الأحداث.
في مارس/ آذار 2013، أعلنت السعودية “القبض على خلية تجسس تتكون من سعوديين وإيراني ولبناني”، وتلقى 15 سعوديًا حكمًا بالإعدام بتهمة التجسس لصالح إيران، وفي 23 أبريل 2019، نفذت السلطات حكم الإعدام في 11 عنصرًا من هذه المجموعة. بالمقابل، نفت إيران أنها جندت أي جواسيس في السعودية.
من الواضح أن الجماعة التي قامت بالمواجهة مع السلطات الأمنية السعودية ترتبط بجماعة متطرفة من التيار الشيرازي، إذ أعتبر وقتئذ، أن إيران بدأت في إعادة تشبيك علاقاتها مع هذا الفصيل من التيار الشيرازي الذي كان يقوده رجل الدين المعروف نمر النمر.
ورغم غياب أي بيانات تتبنى أي عمليات عسكرية داخل السعودية أو خارجها، لا يزال التنظيم نشطًا وهذا ما يتضح من خلال نشره لبعض البيانات من خلال المواقع والشبكات الإعلامية الممولة إيرانيًا.
جهات التمويل والتدريب
الحرس الثوري – إيران (تمويل وتدريب):
تشير عدة مصادر غربية وخليجية إلى مسؤولية الضابط الإيراني أحمد شريفي (أبو جلال) عن التنظيم وأنه ضابط استخبارات إيراني يعمل كحلقة وصل بين الحرس الثوري والشيعة السعوديين. رغم ذلك، لا يوجد أي معلومات دقيقة عن هويته.
حزب الله – لبنان (مشاركة وتدريب)
بالإضافة لمشاركة العديد من المنتمين لحزب الله الحجاز في دورات تدريبية داخل معسكرات حزب الله في لبنان وسوريا، تشير لائحة الاتهام الامريكية في تفجير أبراج الخبر إلى أحد اللبنانيين باسم رمزي وهو “جون دو”.
يرتبط التنظيم سياسيًا وعملياتيًا ولوجستيًا بتنظيمات مثل حزب الله البحرين وحزب الله الكويت والميليشيات العراقية المرتبطة بالحشد الشعبي
التصنيف الإرهابي
تصنف السعودية تنظيم حزب الله الحجاز في جماعة إرهابية، وتضع الإمارات التنظيم في قائمة الجماعات الإرهابية، وكذلك البحرين. في 21 اغسطس 2014 أعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي عن قائمة تضم 26 شخص وصفتهم بالإرهابيين الأخطر في العالم، تضم القائمة خمسة عناصر من المتهمين بتفجير أبراج الخبر من المنتمين لحرب الله الحجاز.
مصادر مهمة في إعداد هذه المادة وينصح بمراجعتها للاستزادة:
باللغة العربية:
- حزب الله الحجاز: جماعة شيعية سعودية يكتنفها الغموض: د. عبدالله فيصل آل ربح
- كتاب: الشيعة في السعودية عن دار الساقي (2006): فؤاد إبراهيم
باللغة الإنجليزية:
- https://www.mei.edu/blog/hzb-allh-alhjaz-jmat-shyyt-swdyt-yktnfha-alghmwd
- Hizbullah al-Hijaz: A History of The Most Radical Saudi Shi‘a Opposition Group: Toby Matthiesen – https://muse.jhu.edu/article/380306
- Radical shiism and Iranian influence in Saudi Arabia. Interview with European Eye on Radicalization. Alrebh, Abdullah (March 2021) – https://eeradicalization.com/radical-shiism-and-iranian-influence-in-saudi-arabia/